عبد الغني
تحياتي عبد الغني,
عبد الغني السؤال، هل سيستطيع الشرع اليوم أن يوفي بالتزامات هذه الصفقة من ناحية، وبتحقيق حد أدنى مقبول من العدالة الإنتقالية ترضي الشارع الثائر؟!
أظن أن السؤال الحقيقي هو ليس سؤال الاستطاعة بقدر ما هو سؤال الإرادة.
لو تخيلنا تحليل القضية بحساب مصالح متوقعة و كلف يتم بذلها في مشروع العدالة ممكن نكون صورة عن طريقة اتخاذ القرار عند "رجال الدولة".
ما هو العبء أو الكلفة المبذولة الذي ستتحمله الدولة الجديدة في حال بدأت في خطوات السير في طريق العدالة؟
- كلفة انشغال النخب المعنية و الجهاز القضائي للدولة بجرائم وقعت على امتداد عقود.
- الكلفة السياسية لملاحقة مجرمين مرتبطين بقيادات سياسية, مجتمعية, أو هوياتية معينة.
- الكلفة المحتملة لعدم استقرار طارئ نتيجة ملاحقة مجرمين ما زالوا يتمتعون بنفوذهم.
- الكلفة الاجتماعية للانقسام حول براءة أو إدانة بعض الشخصيات.
في المقابل ما هي المصلحة التي يمكن تحصيلها من المضي في هذا الطريق؟
- تدعيم شرعية الدولة الجديدة القائمة أساساً على "الشرعية الثورية"
- إعادة بناء ثقة الشعب في "الدولة" كضامن للحقوق و ملزم بالواجبات.
- على المدى البعيد إعطاء فرصة للتعافي الاجتماعي من جرائم طغيان فئة على المجتمع.
أما على الطرف النقيض ما هي كلفة "تأجيل" الموضوع إلى أجلٍ غير مسمى؟
استقرار هش و فرص اندلاع مواجهات عنيفة في المستقبل.
بقاء عناصر معادية بعيدة عن المحاسبة يشجع محاولات لاحقة للاعتداء.
ضعف الادعاء بتملك "الشرعية الثورية".
استغلال قضية العدالة من قبل كل التيارات المنافسة.
و ما هي المصالح التي يمكن تحصيلها من غض الطرف عن مشروع العدالة؟
تجنب صراعات داخلية مع أطراف ما زالت تملك نفوذ.
تفرغ رجالات الدولة إلى قضايا أخرى.
المرونة السياسية تتيح مجالات للتعامل مع أطراف ما زالت تنظر للدولة بعين الريبة.
أكيد في أمور أخرى بكل هي التصنيفات لكن تصوري أن اتخاذ القرار يتم عبر مقاربته بهذه الطريقة و بعدها إعطاء وزن و قيمة لكل من المصالح و الكلف و من ثم اختيار الخيار المناسب. و لذلك أتوقع احتمالية عدم وجود إرادة أصلاً للشروع بإجراءات محاكمات أو ملاحقات لمجرمي النظام السابق.