حالياً يتصدر الفضاء السوري على السوشال ميديا مجموعة كبيرة من الأشخاص والحسابات الشعبوية ويلي هدفها الأساسي إعادة اجترار الأفكار وتمييع المفاهيم والمشاكل وتحويلها لمحتوى متستر بـ "نشر الأخبار والمعلومات" ولكن على الواقع تأثيره يكاد يكون محصور بشكل كامل بالتخويف والتفريق وخلط الأوراق.
الغالبية العظمى من هدول الأشخاص والحسابات عم يشتغلو على 4 محاور بتشكل بكتير أحيان الغالبية الساحقة من محتواهم إذا مو أكتر:
1.أ) محور التخويف والترهيب من "الإسلامية" و "الإسلاميين" و "أسلمة" الثورة والبلد، وأخذ دور الفزاعة لتحريض الناس ضد الفئة المحافظة والمتدينة من الشعب السوري أو الإدارة الحالية أو القادمة.
1.ب) محور التخويف والترهيب من "العلمانية" و وصف أي شخص بيظهر أدنى اختلاف مع الأفكار المحافظة بالـ "تشبيح" و "الخيانة" بغض النظر عن تاريخ هاد الشخص و مواقفه السابقة والحالية من الثورة السورية.
2.أ) محور الانتقام من "الأقليات" في سوريا وهو المنتشر أكتر حالياً وبيجيب تفاعل وترافيك أكتر بعد سقوط بشار الأسد. هاد المحور يتم فيه استخدام موضوع الأقليات بتساهل أو تهوّر وبشكل غوغائي للعب على وتر النعرات والجراح في الشعب السوري وتحريض الناس على بعضها واستخدام أسلوب التخويف والترهيب حتى لو اضطر الأمر إلى تحوير الحقائق أو اللعب بالكلمات لإثارة أكبر قدر من المشاعر والهيجان بغض النظر عن الهدف أو الاتجاه يلي عم يتم استخدام هي الطاقة فيه (غالباً مافي هدف حقيقي وإنما لمجرد حصد التفاعل على السوشال ميديا).
2.ب) محور حماية "الأقليات" وهو أقل انتشاراً وتأثيراً وخاصةً بعد سقوط بشار الأسد، وباعتبار إنو الأقليات في سوريا لا يبدو إنو في عليها خطر حقيقي لحد هاللحظة. ولكن المشكلة هون إنو منشورات وتغريدات الحسابات والأشخاص في هذا المحور عم يتم استخدامها كغذاء أو وقود لنشر الخوف والبلبلة والتحريض من قبل محور الانتقام من "الأقليات" أو غيرها من محاور الإنتاج والتعبئة الشعبوية.
3) محور عداء (أو حتى محابات) الدول، سواءً العربية أو غير العربية، واستخدام منشورات الأفراد والشائعات المفبركة أو حتى الأخبار الحقيقية عن هي الدول لنشر الخوف والبلبلة والتحريض من دون ما يكون في محتوى أو هدف واضح ومفيد من التهييج غير حصد التفاعل.
وأكيد في غيرها كتير بس هدول أكتر شي دارجة موضتهم هي الأيام..
طبعاً أنا هون ما عم قول إنو أي حدا بيحكي بأي موضوع من المواضيع السابقة هو حدا شعبوي هدفه التحريض وتعميق الخلافات وزيادة الفوضى، لأن، على الأقل بالمبدأ، كل فكرة من هالأفكار فيها شيء من الصحة.
ولكن المشكلة عم تصير وقت يتحول الهدف من طرح هالمواضيع والنقاش فيها من البحث الصادق بنية سليمة لحل هي المشاكل وعلاجها، إلى 'الجدال فقط من أجل الجدال' عن طريق إغراء واستمالة قبول الناس واللعب على أوتار العواطف ومشاعر الخوف والقلق عندهم.
الحل بسيط ولكن صعب التحقيق عملياً.. طول مافي ناس عاديين متلنا على السوشال ميديا رح يضل في وجود للأشخاص يلي بيساهمو في خلق البلبلة والفوضى وزيادة مشاعر التوتر والخوف بين الناس. لهيك تاني أفضل خيار هو إننا نكون واعيين لهي الأمور، وندعم وننصح بعض وقت نشوف هيك سلوكيات ونحكي فيها؛ وحتى، إذا لزم الأمر، نحاول نقاطع الحسابات والأشخاص يلي عم يتصرفو بهي الطريقة ويلي عم يكون أثرهم سلبي على الفضاء السوري حتى ولو كانو (أو ربما بالأخص إذا كانو) من المحسوبين على الثورة السورية.
بعض الإشارات يلي ممكن تكون موجودة (كلها أو جزء منها) عند أحد الحسابات أو الأشخاص وبتدل على إنو بشكل عام وجوده مؤذي وعبارة عن net negative و له ميول شعبوية قوية:
- كل أو أغلب منشوراته عبارة عن أمور بتحكي بالمواضيع الحساسة ويلي عليها انقسام أو استقطاب بالآراء والنقاشات فيها بتكون غالباً عاطفية وحماسية، ومثال على هي المواضيع هي المحاور الأربعة يلي ذكرتها بالبداية.
- ما بيهتم بالتحقق من صحة المعلومات أو الشائعات، ولا بيذكر مصادر، وقد يحاول اجتزاء الخبر أو الحقيقة عن قصد لحتى تتناسب مع السردية تبعه.
- نادراً جداً (أو من المستحيل) إنك تشوف صاحب الحساب عم يتراجع أو يعتذر إذا ثبت إنو غلطان بشي موضوع من قبل. بأحسن الأحوال بيتجاهل الخطأ، وببعض الأحيان ممكن يضل مصرّ على الخطأ، بتلاقيه بيقول شي بيشبه: "إي حتى لو كان الخبر كاذب أو غير صحيح، بس فكرتي بتضل صحيحة..." مثلاً.
- بيعطي اهتمام وتركيز كبير ولا يتناسب مع جحم وتأثير الشخص أو الطرف يلي عم يحكي عنو. يعني مثلاً حدا "شبيح" عندو 30 متابع على تويتر، بيصير بيحكي عنو وكأنو وزير سابق في حكومة نظام الأسد، أو بتلاقيه جايب شي تغريدة إلو أو صورة عنها وقاعد ينشر ويحكي فيها ويضيع وقت الناس عليها.
- بيجيب تغريدات أو منشورات لناس بيتخلف معهم أو ما بيحبهم وبيسلط عليها الضوء لكل المتابعين يلي عنده وبعمل بلبلة وحملة تنمّر على هدول الناس ما إلها داعي ولا في منها أي فائدة على الإطلاق (بالأخص بهي الأيام الحساسة). وبكتير أحيان بتكون هي التغريدات أو المنشورات عن مواضيع ثانوية أو حتى مالها علاقة بالتطورات يلي عم تصير بالوقت الحالي.
- دائماً بيصرف وقت وجهد إضافي وغير متناسب للرد أو الجدال مع الناس يلي بتختلف معو وبالذات عن طريق استخدام ميزة quote tweet على ردود الناس وتغريداتهم بهدف زيادة التفاعل وزيادة انتشار الخلافات يلي مكانها الطبيعي بشكل عام هو بالردود (مشان يجيب فزعة من المتابعين تبعه ويدعموه).
- مافي هدف واضح أو ملموس ولا في أجندة أو وجهة محددة بتتحرك تجاهها المنشورات والآراء و "الأخبار" المطروحة على صفحته. جزء كبير من هدول الحسابات والأشخاص بيتحجج بإنو هدفه "التوعية" أو "فضح الخونة والمجرمين"، ولكن عملياً وعلى أرض الواقع يلي بصير بأغلب الأحيان هو فقط المزيد من التحريض وتهييج المشاعر من دون أي تأثير حقيقي.
- عنده عدد متابعين كبير نسبياً، ومع هيك ما منلاقي أدنى درجات المهنية أو الاهتمام بالسياقات والتحقق من التفاصيل، وخاصةً عند إطلاق اتهامات كبيرة متل وقت يقولو على حدا إنو "شبيح" أو "داعشي" أو هيك شغلات.
- عنده اتهامات معلبة وجاهزة (متل "شبيح"، "علمنجي"، "أقلوي"، "رمادي"، "داعشي"، "متصهين"، "محورجي"، "مكوع"، وغيرها من التوصيفات يلي تم تمييعها وفقدت معناها بسبب استخدامها بشكل عبثي). هي الاتهامات بيستخدمها بكثرة مع أي حدا بيخالفه ببعض التفاصيل حتى لو كانو متفقين بالمبدأ أو بباقي الأمور أو الخطوط العريضة.
- ما عنده مشكلة يتجاهل أو ينسف ماضي حدا أو ينكر جهده وتضحياته في حال اختلف معو بأحد التفاصيل الهامشية. وغالباً ما بيظهر أي احترام أو خصوصية للعلم ولخبرات الناس، وبيتفاخر باحتقارهم والتصغير من شأنهم.
- بتلاقيه فوراً بيقفز للاستنتاجات والافتراضات عن نوايا الأشخاص وما بيترك مجال لاحتمال سوء التفاهم أو ضعف التعبير. وما بيحترم حرية التعبير والأفكار حتى لو كانت بأمور هامشية مالها أهمية أو تأثير كبير على أرض الواقع (وخاصةً بهي الأيام الحساسة).
- الحياة والآراء عندو دائماً وبكل المواضيع يا أبيض يا أسود، يا بتكون معنا يا بتكون علينا. ما عندو مجال للاختلاف والتنوع بالآراء.
- عنده ميول لأنو يستهدف الشخصيات المعروفة، بغض النظر عن آرائهم، ويلي بكون إلهم متابعين كتير، لأن بيعرف إنو الحكي عنهم بيعمل تفاعل وضوجة أكتر بكتير من الأشخاص العاديين.
أكيد في إشارات تانية بس هدول يلي حسيتهم أكتر شي دارجين.
بالنهاية، الكلام هون هو مبني على نظرتي وخبراتي وتجاربي الشخصية يلي قد لا تصلح بالضرورة للتعميم ولا تعكس الكثير من الحالات في الواقع. وبالتالي، الطرح هون هو للاستئناس والدعوة للتفكير والنقاش فقط، وليس الهجوم أو التلميح على أحدٍ ما. حتى وأنا كم أكتب هاد المقال، خطرلي عدد من الاستثناءات يلي فيها الأشخاص تتواجد عندهم بعض الإشارات يلي ذكرتها، ولكن برأيي يوجد تبريرات أو تفسيرات تانية غير موضوع الشعبوية. تقييم الناس عن طريق قوالب وتعميمات إلها حدود ثابتة هو شيء مستحيل بمعظم الأحيان. الناس بشكل عام، والسوريين بشكل خاص، كل حدا منهم عندو تجاربه الخاصة وأحداث وضغوطات في حياته كانت حتماً من ضمن العوامل الأساسية يلي أثرت على طريقة استخدامه للسوشال ميديا. لهيك، من الأفضل دائماً هو التماس الأعذار في البداية، و ربما التجاهل ومقاطعة الأشخاص إذا الموضوع خرج عن حدّه. الصدام والجدال، وخاصةً يلي ممكن يكون عاطفي ويكون بيئة خصبة للتفاعل الـ toxic بين الناس برأيي لازم دائماً وأبداً يكون هو الملاذ الأخير عندما تخرج الأمور عن السيطرة وتفشل جميع الحلول الأخرى.
لازم "أن تتذكر دائمًا أن كل من يُشاركك النقاش هنا هو شخص حقيقي، له حياة ومشاعر وتجارب. نحن لا نتحدث مع أسماء مستعارة أو صور، بل مع بشر حقيقيين خلف الشاشات. من واجبنا أن نحترم بعضنا البعض كما نحب أن يُحترم كلٌّ منّا." أحد أهم الأمور يلي لازم نتذكرها لضمان الابتعاد عن الفوضى والغوغائية في منصات التواصل الاجتماعي.
ملاحظة: هذا المقال هو إعادة نشر لـ تغريدة كتبتها بتاريخ 11 كانون الثاني 2025.