كتب محمد السلوم على حسابه في فيسبوك:
في فترة مبكرة من دراسة النقـد تعلمت شيء مهم، أن ما انخدع بالقشـور، بالبهرجة اللغوية، والزعبرة الفارغة.
كنت أقرأ كتاب لمترجم أو كاتب من بلاد المـغرب العـربي ما تعرف شو بده يقول بالضبط، مع كلمات كبيرة وطنانة ورنانة، وأن واو.. جايبلك أحدث الصرعـات النقدية الفرنسـية.. في حين نفس الموضوع تماماً بتلاقيه منشور بمقال في "الموقف الأدبي" من السبعينيات، لكاتب أو مترجم سـوري أو عراقي أو مصري بلغة بسيطة وسهلة وواضحة.
خفت صرعـة الانبهـار بالترجمـات النقـدية المغـاربية إجمالاً، لكن بقي الأسلوب.. أسلوب البهرجة أو خليني قول "أسلوب الزعـبرة".
من نفس المبدأ صار في عنا نوع من الإعلام قائم على البهرجة اللغوية، يلي متابع فيه يعرف تماماً المواقع يلي عم أحكي عنها، هي مواقع بتفتخر أنها "نخبوية" ما بتنزل لمستوى "القاع" و "الشعبويين".. ولما بتقرأ مادة لهم بتكون أمام موقفين: إما بتقول "شو بده هاد بالضبط؟".. أو بتقول "بدل هالألفين كلمة كان فيه يختصر هالعـلاك كله بخمسين كلمة".. وطبعا فيك تقول "واو شو هالعبقرية" لأنك خايف تقول "الملك مو لابس تياب".
والحكي الفائض بيخليك توقع بالأخطـاء.. بل أحياناً بيخليك توقع بالأخطاء يلي أنت على أساس جاي تحكي عنها وتهاجمها!
فمثلاً بيجي عزيزنا الكاتب بيخلعك مقال عن "الفاشـية السـنية" وخلال المقال:
يعمم أحكامه على جماعـة كاملة.. فيها ملايين البشـر.. ينفي عنهم فرديتهم وبيصادر تنوعهم، ويقدمهم على أنهم "جحافـل من الروبوتات يلي بلا مـخ وماشيين خلف الجـولانـ ـي". شي متل مسرحية غربة "قولوا آه".. خلص روحوا كلكم معكم الزايدة".. وبمثال تاني شي متل يلي عمله "أبو شوارب صغيرة" بأولاد العـم.. وصم جماعـي..
التقسيم من خلال استخـدام منطق "الأغيـار" (رح أرجعله بعد بشوي)، خيو البلد نوعين "سـنة فاشـيين" و"أغـيار ضـحايا".. تقسيم قطع بت، هو نفسه تقسيم "الأنقياء مقابل الدون".
شـيطـنة جماعة كاملة وتقديمها على أنها "خطـر وجـودي" يهدد وجـود الآخرين.. وخـلق "العدو الوجودي" كان دائماً أسلوب محبب لتمرير أي شيء لا يمكن يمر بالأحوال العادية.. ويلي هو عند عزيزنا الكاتب "الطلاق النهائي" والانفصال.
الحلول الجذرية الإقصائية، خلص.. ما في مجال للتعايش.. نحن لازم ننفصـل وكل واحد منا يروح بحاله.. أنتوا بطريق ونحن فرس النهر أو فقمة أو دب قطبي.. أي شي المهم مو بطريق تاني! ما في أي مجال للحلول.. وإذا صارت حلول فهي حلول زراطـة "أقل ما يمكن".
لحظة لحظة لك خيي.. وأنت سارد بـ "الفـاشـية السـنية" ما نك حاسس حالك زحطت وصرت فاشـي ومكتر؟ التعميم ونفي الهوية الفردية.. الشـيطنة.. تقسييم المجتمع.. الحلول الإقصائـية.. مو هي هيه الفاشـية بذاتها؟ هيه ولا مش هيه يا متعلمين يا بتوع الأغـيار؟
خلونا من العـبارة الخرندعية، في شيء بصراحة أهم منها، يلي هو مصطلح "الأغيار" يلي تم استخدامه 15 مرة.
مصطلح حب عزيزنا الكاتب يستخدمه بدل "أقـليات" وبدل "مكونات"..
عزيزنا حاسس أن "أقليات" فيها إهـانة.. رغم أنها مستخدمة تاريخياً عند الحديث القانوني والسياسي عن المواطنة والمساواة.. أما "مكونات" ففيها نوع من المغمغة على النسب والأعداد.. أن كلياتنا سوا سوا مكونات ومع بعض "منكوّن" هالوطـن المعتر.
بس الأغيار!
الكلمة بالأساس استعملوها أولاد العـم لوصف كل مين هو مو منهم.. غالباً كانت سلبية.. لكن عزيزنا الكاتب هون قلبها.. وعطاها معنى إيجابي.. الأغيار مقابل الفاشـيين.. النور مقابل العتمة.. المدنية مقابل الهمجـية.. الديمقـراطية مقابل الفاشـية.. نحن مقابل هم.. الأبيـض مقابل الأسـود..
والحلو بالأغيار أنك ما بتعرف شو هنن.. ما بقلك "نحن ماذا نكون" لا بقلك "نحن ماذا لا نكون" يعني يعرف نفسه بالسـلبية.. نحن مو فاشـيين.. مو همـجيين.. مو بطاريـق.. مو كذا..
استخدام كلمة أغـيار فيه محاولة لإقصاء المشاركة.. مباعدة.. "نحن مختلفين ما فينا نكمل مع بعض"..
يلي مقتنع بمفهوم الأغيار كلامه عن المواطنة هو كلام غالبا غير صـادق.. لأنه مقتنع أن بينما يحصل الآخرون على "مواطنة" هو لازم يحصل على "مواطنة VIP".
وبخصوص التكرم بضم "السـنة الكيـوت" للأغـيار.. فياسيدي دايمة تعيشوا.. أحب على قلبي أبقى مستمر في معـركتي مع "الفاشـيين" لأني عارف أن ممكن أترك أثر فيهم أو أصنع وعي، أفضل من التخنـدق معك في إيديولوجيتك الغيرية الناجزة.. يلي ما بستبعد يوما ما إذا فتحت تمي تقلي "لا تنسى يا سـني يا كـيوت.. أن نحن حـررناكـم"!