بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم على نبينا محمد، لما أعلن الأستاذ هادي عن فكرة المنتدى أول مرة وبدا يرسل اكواد التسجيل سجلت بـنيّة أن أستفيد مما قد يكتب فيه، إذ أني أعد نفسي من عوام هذا الشعب، ومقارنة بالموجودين هنا فـأنا أقرب إلى الأُمّيّة، ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه.
لم أكن أنوِ أبدًا أن أشارك بكتابة شيء لأني لم أعتقد أن لدي ما أضيفه، ولكن ارتأيت أن أشارك ببضع كلمات تجول في خاطري بعد حادثة زيارة الوزير محمد ياسين صالح لـفرحان المرسومي وما تبعها من غضب شعبي (على منصة تويتر على الأقل، بعض الحسابات المقيمة في سوريا تؤكد أن محدش مهتم ولا سائل) ولم أكتب كل هذه المقدمة تواضعًا ولكن لتعذروني على رتابة الكلمات وعدم تسلسل الأفكار وعيوب أخرى ستوجد بلا شك في كلماتي القادمة، والتي أكتبها على عجل بين انشغالي حتى لا تضيع الأفكار من رأسي، وهذا بحد نفسه مدعاة للخطأ، فأعتذر مجددًا 🙂
ما كنا منعرف
العذر الأكثر استهلاكًا، لأنه الأسهل ببساطة. سعادة الوزير وصلت له دعوة من فلان الفلاني يحضر المناسبة الفلانية، ومن باب الاختلاط بالشعب والاقتراب منهم قرر يجبر بخاطره ويحضرها.
على الرغم من سخافة العذر إلا أني أظنه حقيقي فعلًا، ما لا يؤخذ في الحسبان عادةً أن الوزراء المعينين لم يكونوا ثوريين، معظمهم انتمى إلى الثورة ورأى عدالتها ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنه كان مهتمًا بتفاصيلها، لن أتعذّر بكونهم رجال أعمالٍ قد انشغلوا بأعمالهم (ولست هنا لأتعذر لهم أساسًا) ولكن أراهن أن جميعنا يعرف على الأقل شخصًا أو عدة أشخاص كان يكره الأسد ويشجع سقوطه ولكن في مرحلة ما من الثورة انخمد حماسه لها وانغمس في حياته بعيدًا عنها، خصوصًا إن لم يكن من ساكني البلد. هل تظن أن هذا الشخص لو وصلته دعوة من شخص ما في منتصف دمشق فسيخطر بباله أصلًا أن هذا الرجل صاحب سوابق وفظائع وأنه من كبار المفسدين؟ أم أنه سيأخذها بحسن نية. وهذا ليس عذرًا بالطبع بل ويدل على تقصير واضح في العمل الإداري الخاص بالحكومة.
عملية بحث سريعة في جوجل تكشف لك حقيقة الرجل
هذا وإن كان صحيحًا في حالة فرحان المرسومي فليس صحيحًا في كثير من الحالات، الكثير من الشبيحة لا يعرفهم إلا أبناء مدنهم ومناطقهم وتأثيرهم محدود على حارته أو مسجده، وفعليًا حصل وأن بعض الناس اعترض على كون فلان تصور مع واحد منهم، أو أن هذا الشبيح الذي أعرفه جيدًا لا يزال يأكل الطعام ويمشي بيننا في الأسواق!
كيف يعيش هؤلاء بيننا ولم يتم إعدامهم بعد
"البدوي أخذ ثاره بعد أربعين سنة وقال... استعجلت"
عظم الله أجر كل من فقد عزيزًا أو غاليًا أو جارًا أو صديقًا أو حبيبًا في الإبادة الأسدية، رحمهم الله وجمعكم بهم في مستقر رحمته، قد يكون كلامي هذا من شخص (رجله بالمي) لأنني ولدت وترعرعت وعشت حتى الآن خارج سوريا فلم أجرب مرارة فقد عزيز فيها، فـأعتذر إن لم أتمكن من إيصال فكرتي بطريقة ليس فيها تقليل من تضحيات الشهداء والمفقودين.
قضية العدالة الانتقالية هي فعلًا قضية شائكة، الأنظار كلها على سوريا، الكل ينتظر الزلة، المظلوميات مطبوعة على كروت والكل مستعد لتوزيعها، وعلى الطرف الآخر شعب مكلوم مجروح مظلوم يريد القصاص؛ وهو حقه.
على الرغم من كل هذا، أظن وأعتقد وأعتذر إن كان في كلامي إساءة لجرح أي فاقد أو مظلوم، أن علينا التريث والتأني في الملف هذا، مع الرضا والاستبشار بحالات القبض هنا وهناك على ضباط من رتب مختلفة متورطين بدرجات مختلفة من الجرائم. أستذكر هنا ما قاله الشرع في مقابلته مع جو حطاب (إنت صرت دمشق هذا ما بيكفي؟) ومع اعتقادي أنه فعلًا ما بيكفي (واظن الشرع يرى ذلك أيضًا ولكنه قالها لحاجة في نفسه) وأنه يجب أن تعلق المشانق وتنصب الخوازيق لكبيرهم وصغيرهم إلا أن فعلا كوننا دمشق وأنا دمشق لنا إلى يوم القيامة -إن شاء الله- هو بحد عدالة انتقالية وقصاص مصغر يشفي شيئًا مما في الصدور إلى حين تمكننا من البلد بشكل كامل حتى نتصرف فيها بالشكل الذي نريده حينها، بإذن الله العلي الكبير الذي كتب لنا هذا النصر المؤزر من لا شيء.
إني أخشى ما أخشاه هو أن تفقد الحاضنة الشعبية للحكومة صبرها ويحدث على إثر ذلك ما لا يحمد عقباه، وأتمنى منهم الصبر وإحسان الظن مهما فدحت الأخطاء، والاستمرار في تقويمها بوضعية السديهات والملفات القديمة للأشخاص، حيث أن الحكومة حتى الان تستجيب لها بشكل جيد، وهذا بحد ذاته مؤشر إيجابي حسب ما أظن.
إن كنتَ وصلت بالقراءة إلى هنا فـشكرًا لك، وإن تكرمت علي بتصحيح ما تظنني أخطأت به فهذا من واسع فضلكم، شكرًا جزيلا لكل من قرأ وأعتذر على الإطالة، إن كنت أصبت فمن الله وإن أصابني الخطأ فمن جهلي ومن الشيطان.