حلو كتير السوري بس يتغنى بـ "الشعب السوري المتنوع الطوائف اللي كان متعايش مع بعضه قبل ما يجي نظام الأسد الطائفي ويخربها علينا"
غير عن انه هاد الحكي بالمعنى المقصود كتير رومنسي وعار عن الصحة ولا يمت للواقع وللتاريخ بصلة بل يعيش فقط في مخيلة بعض السوريين اللي بيحكوا هيك بدون ما يفكروا يفتحوا كتاب تاريخ ويعرفوا اذا هالكلام صح ولا غلط، غير عن كل هاد، مين قال أصلا انه التعايش/التسامح شي منيح ومرغوب؟
يفترض التعايش (وأقصد هنا tolerance بالانجليزي) أن الشيء المتعايش معه يُعتبر خطأ من ناحية ما، ما الها معنى انه نقول إننا نتعايش مع شيء إلا إذا كنا نعتقد أنه خاطئ من ناحية ما، وبالتالي ما يُقصد غالبًا بالتعايش هو شكل من أشكال التعصب المُقنّع. بمعنى انه الشخص فيه يفكر أنه بعض الأعراق "غبية" أو" منقوصة الأخلاق" ولكن من دون الكلام عن هذه المعتقدات لأن الكلام عنها غير "مهذب"، و"التسامح الديني" تحديداً غالبًا لا يتضمن الإقرار بحقيقة أو صحة الأديان الأخرى لأصحابها، بل يعني غالبًا عدم اضطهاد أصحاب المعتقدات المختلفة مع محاولة "تصحيح أخطائهم"، وهذا ما نراه في سوريا اليوم من خلال التبشير.
يُقدَّم التعايش/التسامح على أنه الضد الأخلاقي للكراهية أو التعصب (bigotry)، ولكن هذا ليس صحيحًا، التعايش والتسامح هما كراهية مقيَّدة، مجرد شكل مُتحكم به من التعصب، قد يصبح عنيفًا في أي وقت، وهذا ما حدث ويحدث في سوريا. البديل الحقيقي للتعصب هو العقلانية، القائمة على الحكم الأخلاقي والاستعداد لمعالجة الخطأ. طبعًا هذه مشكلة لا تتعلق فقط بالمجتمع السوري أو المجتمعات العربية بشكل عام بل برزت أولا في الغرب تحت مسمى "الصوابية السياسية" ولكن تم استيرادها وتطبيق بعض أوجهها بأثر رجعي لتجميل وتبرير الماضي.
الإنسان يتعايش مع المرض مثلا، هذا لا يعني انه قبل المرض، ويرحب به ومبسوط فيه، ولكن التعايش يكون في هذه الحالة ضرورة. ولربما بهذا المعنى يكون الكلام عن "التعايش" في سوريا والشرق الأوسط صحيح، بمعنى أن الأقليات تُعتبر أورام يفضل استئصالها من اجل الوصول إلى "الأمة النقية" و"الإجماع"، ولكن مع عدم المقدرة على الاستئصال يكون التعايش هو الحل، وطبعا هذا التعايش له درجات بحسب مين ووين وأيمت.