إلى من يطالب بحرية الاعتقاد والرأي في سوريا، ظانًّا أنّ هذه الحقوق مطلقة ولا تخضع لقيود، إليكم أنواع الحقوق المحمية بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان:
أ- تُصنّف الاتفاقية الحقوق إلى أربع فئات رئيسية:
- الحقوق المطلقة (غير قابلة للتنازل تحت أي ظرف)
• حظر التعذيب والمعاملة غير الإنسانية (المادة 3)
• حظر العبودية والعمل القسري (المادة 4)
• الحق في عدم التعرض لعقوبة بأثر رجعي (المادة 7)
ويعني هذا أنّ هذه الحقوق لا يمكن تعطيلها تحت أي ظرفٍ كان.
- الحقوق غير القابلة للتنازل (باستثناءات محدودة)
• الحق في الحياة (المادة 2) – باستثناء في حالات الحرب أو تنفيذ القانون.
• الحق في محاكمة عادلة (المادة 6) – تضمن استقلال القضاء.
وهذه القيود لها استثناءات، مثل حالة الحرب التي تسمح بتعطيلها لأسباب قانونية.
- الحقوق الخاضعة للقيود
• الحق في الحرية والأمان (المادة 5)
• حرية التعبير (المادة 10)
• حرية التجمع والانتساب (المادة 11)
وهذه القيود ليست مطلقة أبدًا، بل مقيدة بمعايير الإيديولوجيات الأوروبية. فعلى سبيل المثال، يُسمح بالتبشير بالمسيحية في الشوارع بل وبالدقّ على أبواب الناس، ويُسمح بحرق القرآن وبازدراء الرموز الإسلامية، ولكن لا يُسمح بإقامة دعوة إسلامية في الشوارع، إذ تُحصر فقط في الجوامع التي تُراقب بشكل غير قانوني ومخالف للدساتير من قبل الحكومات.
ومثالٌ على ذلك فضيحة هولندا عام 2017 بمراقبتها الجاليات الإسلامية بشكل غير قانوني، وبتمويلٍ من البلديات الكبرى مثل بلديات أمستردام وروتردام ودين هاخ وأوترخت. وحين واجهت الجاليات تلك البلديات في المحاكم، اصطفت المحاكم إلى جانب البلديات على الرغم من اعترافها بأن التجسس على الجاليات الإسلامية بهذا الشكل مخالف صراحةً للدستور الهولندي.
كما حدثت اعتقالات واسعة بحق المسلمين في النمسا، بشكل غير قانوني وبالتعاون مع المخابرات المصرية، مع العلم أن المسلمين الذين طالتهم الاعتقالات كانوا مجنسين وأصحاب أعمال وشهادات، وتم اعتقالهم بشكلٍ مهين ومخالف للقانون، وعلى أسس غير قانونية وتهمٍ ملفقة، مثل حُكم “الانتساب للإخوان المسلمين” دون أدلة، فقط بسبب دفع المخابرات المصرية بالأموال للجهات الأوروبية واشتراكهم في كره الإسلام والمسلمين. وقد حكمت المحكمة على أن هذه الإجراءات فعلًا غير قانونية، ولكن “هذا ما عندنا” حسب قول القاضي. أي بمعنى: إن لم يعجبك الأمر، انطح رأسك بالحائط.
- الحقوق المؤهلة (يمكن تقييدها في ظروف معينة)
• الحق في الحياة الخاصة والأسرية (المادة 8
• حرية الفكر والضمير والدين (المادة 9)
تضمن هذه المادة للأفراد حرية اختيار معتقداتهم وأفكارهم الدينية أو الفلسفية أو غيرها، وكذلك حرية ممارستها ونشرها والدعوة إليها. وهي من الحريات الأساسية التي يجب حمايتها؛ إلا أنّ ممارستها قد تخضع لقيود قانونية مبررة بهدف:
• حماية الأمن أو السلامة العامة.
• الدفاع عن النظام العام أو الصحة أو الآداب العامة.
يعني مثلما فعلت فرنسا، إذ إنها تحارب كل رمز إسلامي فقط، ولا تحارب الرموز اليهودية أو المسيحية؛ لأنها تعتبر الهوية الإسلامية خطرًا على هوية الجمهورية. أمّا أن تعبد المسيح، أو تعتبر نفسك من شعب الله المختار، أو أن تعبد العجل والشيطان والفروج وأهواءك، فهذه التوجهات لا تشكل خطرًا أبدًا. أمّا توحيد الله فهو الخطر بحد ذاته على الهوية الفرنسية، وهذا صحيح لأنّ نور الله يحرّر البشر من القيود المادية والأهواء الدنيئة.
ب- التوسع من خلال البروتوكولات الإضافية
لسد الفجوات، اعتمد مجلس أوروبا عدة بروتوكولات لتعزيز حماية الحقوق:
• البروتوكول رقم 6 (1983) – إلغاء عقوبة الإعدام باستثناء في زمن الحرب. فمن يشتكي من الإعدامات بحق شبيحة الأسد المجرمين لا يضرب مثالًا بأوروبا، فهذا مسموح به بموجب البروتوكول المذكور.
• البروتوكول رقم 12 (2000) – توسيع أحكام مكافحة التمييز لتشمل ما يتجاوز الحقوق المحددة في الاتفاقية. وبرغم هذا التوسيع، يمكن لصاحب الشركة وبشكل قانوني أن يرفض من الموظفات ارتداء الحجاب الإسلامي، كما حدث في عدة شركات أوروبية. وعندما رُفعت القضايا للقضاء، وقفت المحاكم إلى جانب الشركات على حساب الشعارات الرنانة.
وفرنسا لها النصيب الأكبر في عدائها للمسلمين والرموز الإسلامية، وبشكل فادح وفجّ دون استحياء.
ومع ذلك، تختلف مصادقة البروتوكولات، مما يخلق مستويات متفاوتة من حماية حقوق الإنسان في أوروبا. وهذا يعني أنّ البروتوكولات تحتوي على قدر من الانتقاء، بحيث تناسب أهواء المحاكم والسلطة التنفيذية.
ج- استجابات لاجتهاد محكمة حقوق الإنسان الأوروبية
لقد وُجِّهت انتقادات للمحكمة بسبب تدخلها الزائد وأيضًا بسبب تساهلها الشديد.
- الانتقادات لتساهل المحكمة مع الدول
تُتهم المحكمة بتفضيل مصالح الدول على حقوق الإنسان:
• قضايا حقوق المهاجرين – غالبًا ما تُصدر أحكامًا لصالح سياسات الهجرة الوطنية.
• القيم الأخلاقية في التعبير الفني – قبول القيود الوطنية.
أمثلة على القضايا:
• قضية ليلى شاهين ضد تركيا: أيدت المحكمة حظر تركيا للحجاب في الجامعات.
• قضية لاوتسي ضد إيطاليا: سمحت بوضع الصلبان في الفصول الدراسية إثر رد فعل سياسي قوي، ومع ذلك فإن الرموز الإسلامية شبه محظورة في الأماكن العامة، خصوصًا في الوظائف العامة؛ إذ يعتمد الأمر على الحظ وأهواء مدير العمل.
فرجاءً لا تقرعوا آذاننا بالعبارات الطنانة مثل حرية التعبير والمعتقد وتضربوا المثل بأوروبا.